الساعة الذرية والتنافس بين الساعات الذكية
جاء في إعلان صادر عن المركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا، أنه تم تسليم الساعة الذرية Faro المتناهية الدقة إلى وكالة الفضاء الأوروبية، حيث سيتم إطلاقها إلى الفضاء عام ٢٠١٦، لإيداعها في محطة الفضاء الدولية التي تدور حول الأرض في مدار يبعد ٤٠٠ كم عن سطح الأرض. ستسمح هذه الساعة التي تم تصميمها بحيث لا تتجاوز نسبة الخطأ في توقيتها عن ثانية واحدة كل ٣٠٠ مليون سنة، بالتثبّت من أسس نظرية النسبية العامة للعالِم "ألبرت اينشتاين" من خلال مستوياتِ دقة غير مسبوقة من قبل. نحن نعلم مدى تطور الساعات على مدى السنين الماضية، فأصبحت لدينا ساعات في منتهى الدقّة والجودة، بينما أصبحت الساعات القديمة من التراث والماضي، لمحبي تلك الساعات القديمة بإمكانهم العثور على العديد من الساعات المستعملة على مواقع الإعلانات المجانية، قبل أن تصبح من نادرة الوجود. في حين إننا سمعنا كثيراً عن الساعات الذكية من أنتاج عمالقة التكنولوجيا كآبل وجوجل وسامسونج وغيرها.
ستستخدم هذه الساعة الذرية المتطورة تقنيات التبريد بواسطة أشعة ليزر الصادرة عن ذرات مادة السيزيوم، بعد دمجها في مجموعة الساعة الآلية الأوروبية في الفضاء ACES، ليتم مقارنة مؤشراتها، بفضل روابط بصرية وروابط قصيرة الموجة، مع عدد من الساعات الذرية الموزعة في أماكن مختلفة على سطح الأرض، تعمل كلاً منها بنوع مغاير من الذرات. وينتظر أن تؤدي هذه التباينات الواضحة في الأبعاد والارتفاعات واختلاف أسس التشغيل إلى قياس ما يعرف باسم "تأثير اينشتاين" بدقة تزيد مئة مرة عن سابقاتها. وحسب نظرية نسبية الزمان والمكان التي أطلقها إنشتاين في مطلع القرن العشرين، فإن مرور الزمن مرهون بالجاذبية، ويتبع الارتفاع، بمعنى أن الزمن يمر بشكل أسرع عند قمة برج إيفل، على سبيل المثال، منه عند قاعدته. ويزداد "تأثير اينشتاين" بشكل أكبر في الفضاء، لذا يتم وضعه في الاعتبار عند إجراء الحسابات في أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية كما في أنظمة GPS و"جاليليو" التي تعتمد على تحويل الأزمنة إلى مسافات. تعود فكرة قياس الوقت بالإعتماد على قفز الالكترونات بين مستويات المدارات حول نواة الذرة، من مستويات الطاقة الأعلى إلى تلك الأخفض، والتي تترافق مع تحرير كميات من الطاقة الراديوية، إلى سنة ١٨٧٩، والتي غدت قابلة للتحقيق مع اكتشاف الرنين المغنطيسي عام ١٩٣٠.
تم اختراع أول ساعة ذرية عام ١٩٤٨ على يد العالم الامريكي وليام ليبي، وكانت تعتمد على الرنين الذري وتُستخدَم لمعايرة الثانية، وتم اعتبارها معياراً للتوقيت العالمي لعدم وجود ساعات تفوقها دقة في ذاك الوقت. واعتمدت بعدها أول ساعة ذرية دقيقة تم بناؤها عام ١٩٥٥ من قبل لويس إيسن في المملكة المتحدة، المبنية للعمل على أساس ذرات السيزيوم ١٣٣. وتجري حالياً في سويسرا أبحاث تدور حول فكرة تصغير الساعات الذرية لحجم يصبح معه من الممكن دمجها في الأجهزة حتى الاستهلاكية منها.
الساعة الذرية والتنافس بين الساعات الذكية
Reviewed by Editor
on
7/22/2014
Rating:
ليست هناك تعليقات:
******************************* اترك بصمتك وشارك بتعليق فيه فائدة لغير..